بشار الجعفري: من ممثل للدولة إلى شاهد على سقوطها

من أول أيام الأزمة السورية، كان بشار الجعفري هو الصوت الأعلى في أروقة الأمم المتحدة.
الكل كان يشوف فيه واجهة الدولة “اللبقة”، المثقفة، واللي بتعرف تحكي لغتين بثقة وتهاجم الغرب ببلاغة.
من 2011 حتى 2015، كان حضوره طاغي. كل مؤتمر، كل جلسة طارئة، كل تصريح… الجعفري حاضر.
القيادة كانت راضية عنه، وبابا شخصياً كان يشير إليه على أنه “السدّ الدبلوماسي”.

لكن من 2016، الأمور تغيّرت بهدوء.

توقّف الدعم الإعلامي الداخلي لإطلالاته، وصار في فتور واضح. السبب؟
الجعفري بدأ يتجاوز النصوص، ويعبّر أحياناً عن تحفظات ضمنية، أو على الأقل هذا ما نُقل للمكتب الرئاسي.
كما بدأ ينقل في تقاريره إشارات عن تغير المزاج الدولي، وحذّر أكثر من مرة من أن “الخطاب الرسمي ما عاد يقنع أحد”.

2018: أول تراجع.
الجعفري استُبعد من حلقات القرار الخارجية، خاصة في اللقاءات التي تخص مسار أستانا وسوتشي، رغم أنه ممثل سوريا في الأمم المتحدة.
وقيل إنه حاول التواصل مع أطراف أوروبية بشكل غير مباشر عبر دبلوماسيين متقاعدين، يعرض فكرة “انتقال منظم”.

2021: ترفيع مغلّف بالإقصاء.
تعيينه سفيراً في موسكو ظاهرياً كان تكريم… بس فعلياً كان سحب من واجهة القرار ونقله إلى مساحة مراقبة.
هو فهم الرسالة، وبدأ يحاول إعادة التموضع، لكن الوقت كان متأخر.

2023: محاولات “التكويع”.
مقربون منه بدأوا يتواصلون مع جهات إعلامية دولية للتمهيد لـ”خروج آمن”، وبنفس الوقت جرب يقنع أطراف داخلية إنه “كان ينقل الواقع كما هو، بس ما كان بيده يغيّر شي”.
القيادة كانت تراقب بصمت… وتدوّن.

ما بعد السقوط – نهاية غير رسمية.
بعد سقوط دمشق، الجعفري قدّم نفسه كـ”دبلوماسي سابق كان شاهدًا على التحولات، لا شريكًا فيها”.
لكن الملفات، والتسجيلات، والمواقف القديمة، ما كانت قابلة للتدوير.
محاولته إعادة التموضع فشلت. تمت مصادرة بعض ممتلكاته ضمن حملة شملت شخصيات كثيرة، لكن في حالته، الرسالة كانت شخصية أكتر من كونها إجرائية.

اليوم، الجعفري في الظل.
لا معارض مقبول، ولا موالٍ موثوق!!

حافظ بشار الأسد